حركات التحرر الوطني بافريقيا :فريليمو ، جبهة تحرير الموزمبيق مثال | بلشفيّات

بقلم الرفيق احمد صالح

خاضت الجماهير الشعبية في افريقيا نضالا مريرا ضد الإستعمار و القوى الإمبريالية المتصارعة حول مقدارتها و في إطار دراسة حركات التحرر الوطني و الإنعتاق الاجتماعي نقدم لكم في هذا المقال تجربة نضال الشعب الموزمبيقي ضد الإستعمار البرتغالي.
في سبتمبر من عام 1962 اجتمعت مجموعات مختلفة من الموزمبيقيين المختلفين في مرجعيتاهم الدينية و السياسية و عقدوا المؤتمر الأول تحت عنوان مؤتمر " الوحدة" الذي انبثق عنه تأسيس (فريليمو: جبهة تحرير موزمبيق) . أدت السياسية الإستعمارية البرتغالية التي عمقت مأساة الشعب الموزمبيقي المنقسم الى دفعه نحو الوحدة على قاعدة تحرير موزمبيق من الهيمنة الإمبريالية و صاغ المؤتمر الأول لجبهة التحرير و بشكل نهائي الطريقة التي سيواجه بها الإستعمار و هي حرب الشعب طويلة الأمد عن طريق تنظيم صفوف الكفاح المسلح.
اول الصعوبات التي اعترضت جبهة تحرير موزمبيق كانت تدنى الوعي الوطني وهيمنة الوعي القبلي و لحسن قراءة الواقع بطريقة علمية تمكنت فريليمو من تحديد التركيبة الطبقية لمجتمع موزمبيق و الشروع الفوري في انجاز مهمة هي الأكثر تعقيدا ، تحدث عنها أول رئيس لفريليمو موندلان في كتابه ( النضال من أجل موزمبيق ) قائلا : " انهمكنا منذ البدء في التربية السياسية المكثفة بهدف مكافحة التفكير القبلي والعنصرية و التعصب الديني " 
حددت جبهة تحرير الموزمبيق تناقض طبقي حاد بروليتاريون موزمبيقيون و أفارقة مهاجرين من جهة يشتغلون في الفلاحة و بعض المهن الرخيصة و بين برجوازيين برتغاليين وأوروبيين على أن بقيت البرجوازية الصغيرة وهي النواة الرئيسية لفريليمو محل جدل كبير .
مثل المؤتمر الأول فرصة لتحديد مصير جيهة تحرير الموزمبيق والى أي مدى ستكون ناجعة في المحافظة على يساريتها الراديكالية في بعض الأحيان فيعد الانتهاء من أشغال المؤتمر برز للجميع خطان أحدهما يساري و آخر يميني أهم ما تميز به هو معارضة انشاء التعاونيات الفلاحية و معارضة تحرير المرأة و إعطاء الأولوية للمصالح العرقية على المصالح الطبقية في صراع فريليمو ضد الإمبريالية. 
لم يكن لليسار داخل فريليمو توجه نحو خوض الصراع مع الرجعية اليمينية حول جميع النقاط و توجه نحو التعبئة الجماهيرية و التثقيف السياسي للمجندين العسكريين و حافظ على تماسك الجبهة الى حين انعقاد المؤتمر الثاني لجبهة تحرير الموزمبيق ليحسم أمر رجعية المجموعات ذات المصالح القبلية و العرقية و ليعطي الأهمية للمسألة الوطنية ويخوض صراعه ضد المستعمر وفقا للمصالح الطبقية.
مثل المؤتمر الثاني لجبهة تحرير الموزمبيق صورة شفافة حول الإختلاف بين اليسار و اليمين الذي انبثق عن المؤتمر الاول . في حين دعى اليسار لتمثيل الجنود في المؤتمر الثاني رفض اليمين ذلك و هي نقطة تعارض من بين ثلاث نقاط رئيسية حول مكان وزمان عقد المؤتمر. و لثقته في الفشل انسحب اليمين من الحضور لأشغال المؤتمر الذي انجز سنة 1968في حين حضره حوالي 176 مندوب مثلوا كل شرائح الشعب الموزمبيقي و أقر المؤتمر مواصلة حرب الشعب طويلة الأمد و معاملة أسرى العدو معاملة انسانية ( وهو ما كان يرفضه اليمين) ووضع الاسس اللازمة لفرض سلطة الشعب في المناطق المحرر في الشمال ، كما اقر المؤتمر أن العدو هو الامبريالة و نص على علاقات الصداقة التي تربط فريليمو بالدول الفريقية الاخرى و الدول الاشتراكية في كل أنحاء العالم. دخل اليمين الذي مني بهزيمة شنيعة خلال المؤتمر الثاني في مواجهة مع جبهة التحرير فاخذ يسيطر على مناطق محررة و يمنع مناضليها من دخولها و بتواطؤ من نائب الرئيس موندلان المسمى سيمانغو تم اغتيال موندلان عن طريق الشرطة السرية البرتغالية وهي احد تكتيكات اليمين للسيطرة على فريليمو لكن قيادتها كان لها من الفطنة ما يكفي لوقف أطماع اليمين فشكلت مكتب لرئاسة الجبهة و بالتالي تحييد اليمين و التركيز على المواجهة العسكرية مع الاستعمار. وبهروب سيمانغو الذي ثبت تورطه في اغتيال رئيس فريليمو الى القاهرة تم تصفية اليمين و الانطلاق نحو الوحدة الأرقى لمزيد تجذير النضال ضد الاستعمار البرتغالي الذي تعرض لأقسى هزائمه على يد الجناح العسكري لفرليمو في ما يسمى بعملية " حلقة غوردا" في مقاطعة " تيته _ Tété".
أسهمت مخرجات المؤتمر الثاني الأربع الكبرى في احداث نقلة نوعية على مستوى العمل الجبهوي فقد تحولت المناطق المحررة في موزمبيق الى مناطق فلاحية و احدثت التعاونيات الفلاحية .
بالإضافة الى النضال العسكري الذي خاضته جبهة تحرير موزمبيق و الثورة الزراعية التي غيرت في حياة المجتمع انتقلت فريليمو الى خوض النضال الاديولوجي والاعلامي وتوصلت رغم ظروف الحرب الى تنظيم اعلامها بشكل مثير للإعجاب و بعث العديد من المجلات و الجرائد و تأمين توزيعها في المناطق المحررة و تنظيم جلسات تكوين الكوادر ...ولا أدل على هذا النجاح من صورة القرويين وهم يحيون الزوار بقبضاتهم المضمومة تعبيرا على تبنيهم للإشتراكية و ايمانهم بجبهة التحرير التي طانت تنقل لهم الحقيقة دائما و تحدثهم في أخبارها عن هزائمها قبل انتصاراتها. 

إرسال تعليق

0 تعليقات