بقلم الرفيق فرآس بويحي
ما هو الوعي ..؟
الجميع يصرخ .. أنها ازمة وعي ؛ أنت لا تملك وعياً كافياً ، لست واعٍ لما يحدث من تغيرات واحدث من حولك ..
انت كالطفل في سنواته الأولى لا يدرك شيئاً من حوله حتى الأشياء المحسوسة لا يكاد يدركها ؛ كصفحة بيضاء خالية من المعقول والمحسوس .
نحن الواعون .. نحن من يحق لنا تحديد مصيرك .. وارادتك وحريتك .. أننا نرى ما لا ترون .. ونسمع ما لا تسمعون .. انتم لا ترون أبعد من انوفكم .. .!
ولنترك الوصف قليلاً ولنعود إلى السؤال الأول ...
_ ما هو الوعي ؟؟
_ وهل هناك شيءٍ اسمه الوعي ؟
_ هل هو شيء ذاتي أم شيءٍ موضوعي ؟
_ هل ,الوعي ذاته نابع من العقل أم التجربة ؟؟
لعل الحديث عن الوعي هو ضرباً من ضروب السفسطة وما اقصده بالسفسطة هو الكلام النسبي الغير قابل للإدراك من قبل الجميع، فلكلّ مجتمع وعيٍ محددٍ ولكلّ فرد وعيّ آخر نابع من تجاربه واحساسه وادراكه الذاتي فالوعي شيء ذاتي لا موضوعي .
العلماء والفلاسفة منذ الأزل تساءلوا ما هو الوعي ؟؟
فالموضوع قديم قدِم الإنسان ولا اعتقد بوجود فلاسفة محدثين افضل من الفلاسفة القدماء كأفلاطون وابن رشد وارسطو وغيره ، فالحديث حول الوعي خاضه السابقون ولا جديد حول ذلك .
فما اعتقد بأن الوعي نابعٌ من ما يعيه الإنسان سواء اكان وعيه صحيحاً أو خاطئاً ؛ حتى اشد الناس تطرفاً وعدوانية ينادون بالوعي .. فأي وعياً يقصدون . .؟
في حوارنا الشيق يشاركنا الرفيق كارل ماركس و الفيلسوف نيتشه وابو الطب النفسي سيمغونيد فرويد ..
ولنبدأ بكارل ماركس ..
_ ماهو الوعي يا ماركس ؟؟
- ماركس :
أن الوعي هو ذلك البناء الفوقي الذي تتجلى فيه جميع الأنشطة الإنسانية، لا نستطيع إطلاقا أن نتمثل الوعي في معزل عن الأوضاع الاجتماعية .
أن الوعي على علاقة رئيسية بالإنتاج فالناس يدخلون في علاقات إنتاج معينة خارجة عن إرادتهم، تولد عندهم درجات متنوعة من الوعي.
ومن هنا يقول ماركس جملته الشهيرة " ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم، وإنما وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم ."
والمقصود بذلك .. أن البيئة والعوامل الاجتماعية هي من تصنع الإنسان وتشكل سلوكه واخلاقه ..
حسناً .. فليكن ...
ولنذهب إلى فيلسوف المجانيين ( نيتشه )
_ ماهو الوعي يا نيتشه ؟
_ نيتشه :
أن بالإمكان أن يعيش الإنسان حياته في استقلال عن الوعي تماماً لما كانت الحياة البشرية معرضة للهلاك بوصفها حياة يؤطرها الصراع من أجل البقاء اضطر الإنسان أن يعبر عن نفسه في كلمات، ومن ثمة يكون نمو اللغة ونمو الوعي متلازمين.
هكذا اختلق الإنسان لنفسه أوهاماً (كالواجب والمسؤولية، والحرية والوعي إلخ). فالحقائق في العمق ليست إلا أوهاماً ..
فرويد :
مهلاً مهلاً يا نيتشه ,, انت تتحدث من اللاشعور .. ؟؟
أننا مخطئين جداً إذا نسبنا كل سلوكياتنا إلى الوعي وحدهُ، لأن كل هذه الأفعال الواعية، تبقى غير متماسكة وغير قابلة للفهم إذا اضطررنا إلى القول بأنه لا بد أن ندرك بواسطة الوعي كل ما يجري فينا …
أن كثيراً من السلوكيات لا تفهم إلا إذا أرجعناها إلى الجانب الأساسي من حياتنا النفسية وهو اللاشعور.
الإنسان لا يتحرك الا بدوافع لا شعورية لا واعية ..
أن الحياة الإنسانية أشبه بجبل الجليد ما يظهر منه أقل بكثير مما هو خفي )
................
خلاصة الأمر ..
أننا نستطيع القول بأن الحياة الإنسانية حياة مركبة ، وان الحديث حول العلوم الانسانية هو حديثٍ نسبي ومركب ، حيث يلعب فيها كل من الوعي واللاشعور دورا مركزيا في صناعة الإنسان ولا يجب أن ننسى بأن للإنسان حرية وإرادة ومسؤولية بعيداً عن بيئتة المجبور عليها ، حيث يختار الإنسان كثيرا من سلوكياته بكامل الوعي .
أما الحديث عن الوعي الصحيح من الوعي الخاطئ والفصل بينهما فصلاً نهائياً ، يعدّ ذلك ضرباً من ضروب السفسطة والجدل العقيم لا يعني ذلك اننا لا نستطيع تحدد الوعي الصحيح من الوعي الخاطئ ..!
ولكن يبقى هذا التحديد نسبي فقد يمتلك احدهم الوعي الصحيح بمقدار 30 % والآخر بمقدار 10 % .. ولكن جميعهم في الأخير غارق في الوهم ..
0 تعليقات