تونس و موجة التطبيع | بلشفيّات

بقلم الرفيق احمد ربعاوي

تعيش الأمة العربية على وقع ظاهرة سياسية غير مسبوقة في تاريخها و هي ظاهرة جغراسياسية، و قد عرف العالم العربي وتيرة و نسقا سريعين تمظهرا في سقوط و رضوخ الأنظمة العربية لقرارات و تعليمات أمريكية قادها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" و رئيس وزراء الكيان الصهيوني "بنيامين نتنياهو".
وقد تبلورت أدجندة الحليفيين المعاديين في القرارات الأخيرة لبعض الدول كالإمارات، البحرين، السودان الجريح و أخيرا مملكة المغرب الأقصى الذي باع ذمته للعدو مقابل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالصحراء الغربية تحت السيادة المغربية.
إذن، أضحى لنا أن الكيان الصهيوني صار على مرمى حجر من مجالنا الجغرافي و السياسي، و يمكن أن نطرح سؤال المرحلةّ: 
 هل أن تونس سائرة نحو التطبيع ام لا
         تتجاوز قضية التطبيع الشكل الذي تناوله برنامج " شالوم " أو مواقف بعض الوجوه السياسية و الثقافية، إذ تكشف بيانات منظمة التجارة الدولية أن قيمة الصادرات التونسية للكيان الصهيوني
قد تجاوزت 5.5 مليون دولار سنة 2017، و هو رقم يعري التوجه الرسمي للدولة التي قطعت أشواطا في فتح قنوات الاتصال مع الكيان الصهيوني منذ خمسينات القرن الماضي ليتحول التطبيع السياسي في حقبة ما بعد أوسلو لعلاقات تجارية دائمة منذ 1995 جعلت الصهاينة يأكلون مما نزرع و جعلتنا نتداوى مما يصنعون.
تفضج بيانات منظمة التجارة العالمية و الأمم المتحدة أن العلاقات بين تونس و الكيان الصهيوني تتجاوز البروتوكولات السياسية التي فرضتها التحولات الدولية بعد إنهيار الكتلة الشرقية بزعامة الإتحاد السوفياتي و رضوخ منظمة التحرير الفلسطينية للحل الصهيو-أمريكي بتوقيع اتفاق " أوسلو 1993 " حيث تم افتتاح العلاقات بين تونس و الكيان المحتل و قد تجسد في أفريل و ماي 1996 بافتتاح مكتب رعاية المصالح في تونس و تل أبيب تباعا و تحولت إلى جسر تنسيق التعاون الأوثق تجلى في علاقات تجارية متكاملة فتحت أسواق تونس أمام السلع الإسرائيلية تحت إشراف و مباركة النطام الحاكم آنذاك و كل الحكومات المتتالية حتى هذه اللحظة: عقدان من العلاقات التجارية الكاملة.
مثل لقاء وزير الخارجية التونسي الأسبق " الحبيب بن يحيى " بوزير الخارجية الإسرائيلية آنذاك " إيهود باراك " في برشلونة سنة 1995 النقلة النوعية لمسار العلاقات بين الطرفين، فبعد سنوات من التعاون عبر قنوات الاتصال السرية في السفارات البلجيكية في كل من تونس و تل أبيب، افتتح هذا الاجتماع الثنائي المباشر مرحلة التطبيع الاقتصادي و تشير إحصائيات الأمم المتحدة و قاعدة بيانات منظمة التجارة أن أولى الشحنات التجارية قد انطلقت منذ 1995 أي قبل افتتاح مكتب رعاية المصالح بسنة، ليكون الكيان الصهيوني سبّاقا إلى اختراق الأسواق التونسية مقابل تأخر تونسي نسبي، حيث لم تبدأ نونس بتوجيه صادراتها نحو الموانئ الإسرائيلية سوى سنة 1997 و رغم حجم هذه المبادلات التجارية بنسبة إجمالي العلاقات التجارية 3.3 مليون دولار سنة 2015، حيث لم يتجاوز نصيب السوق التونسية من الصادرات الإسرائيلية 810 ألف دولار خلال تلك السنة محتلة المرتبة 136 على قائمة الشركاء التجاريين للكيان الصهيوني.
         بعد سرد كل هذه الأحداث علينا أن نؤكد على براءة الشعب التونسي من التطبيع مع عدو الإنسانية الأول لكن هذا لا يمنع غفلته و عدم ضغطه على ممارسات الأنظمة الحاكمة له، فما علينا إلا الوقوف و الصمود و الكفاح ضد موجة التطبيع الممنهجة.
تحيا الشعوب الثائرة حرة مكافحة مناضلة أبية عصيّة على الغزاة و 
الأعداء...




بقلم أحمد ربعاوي

إرسال تعليق

0 تعليقات