ان ما سمي بنظرية "مناعة القطيع" التي اثارت جدلا واسعا و التي بشر بها
جونسون الشعب البريطاني قد تكون مخرجا للهرب من المسؤولية بالنسبة للكثير
من الانظمة و الحكومات في تعاملها القادم مع الوباء لا فقط في الانظمة
الراسمالية كفرنسا و بريطانيا ، بل ان حكومات الاقطار المتخلفة اقتصاديا
ستنتهج سياسة شبيهة بهذا التهرب و ان اختلفت في شكلها او عنوانها فلا
اختلاف في مضمونها حيث يتم عندنت مثلا التغطية على هذه المسؤولية و هذا
الخيار من خلال الابقاء على عدد العينات متدني و كذلك من خلال عدد الاصابات
اليومية التي تسجل بشكل لا يمكن ان يعكس فعلا حقيقة الوضع الوبائي في
تونس و الذي يعترف الجميع و بخاصة في الاوساط الطبية بحقيقة تجاوزه للارقام
المسجلة و اتساع دائرته .
و ها قد بدات اللائمة تلقى على عاتق
"المواطن" الغير ملتزم بالحجر و بالعزل تمهيدا لارتفاعها .. بينما يتناسون
انه كان من اليسير الحد من انتشار المرض لو تعاملوا "بجدية" كافية في فرض
الحجر الاجباري على الوافدين و المشتبه في اصابتهم الا ان هذه الاجراءات و
غيرها كانت لتعطل مصالحهم و مصالح اصحاب المال و الاعمال .
هنا في
تونس ستجد جريمة ترك المفقرين لمصيرهم ، الموت بالكورونا او الجوع تبريرها
بعدم وعي "المواطن" و قد يكملون الصورة بامكانية رفع الحجر التدريجي .. من
اجل الالتحاق رسميا بركب الراسمالية في خلق "مناعة القطيع" ، مناعة الربح و
الراسمال و هلاك قطيع المفقرين .
ما يحدث في تونس و ما سيحدث لاحقا
ليس بالامر الشاذ او المعزول عن ما حدث و لا زال يحدث في شتى الدول و
الاقطار في العالم اجمع بما في ذلك الولايات المتحدة التي تماطلت حكومتها
في تطبيق الاجراءات الصحية الوقائية كتوفير الاجهزة وسائل الحماية و
الوقاية و توجيه المصانع و التصنيع لاولية المسالة الصحية او توفير
السيولة لتامين متطلبات مجابهة الوباء من خلال حسابات و اموال الراسماليين
..انه نفس المشهد الذي تحصلنا عليه في تونس ، كل ذلك خدمة لحسابات
الراسمالين البنكية و لاعمالهم و مؤسساتهم عبر العالم و الغير موجهة منذ
البداية لاولية صحة المجتمعات البشرية ، فحتى في الصين تذكروا اعتقال
الطبيب الذي اكتشف الوباء بتهمة بث البلبلة و الذعر تمعنوا في معاناة
جماهير المفقرين في ايطاليا و اسبانيا و غياب دعم الاتحاد الاروبي ..
لاحظوا عملية السطو التي تحدث لشحنات المساعدات .. ستترك الراسمالية
الملايين من ابناء الطبقات الكادحة لمصيرها بتعليل طبي بيولوجي يتحدث عن
مناعة القطيع ينما يتركهم العملاء المحليون لنفس المصير بتعليل اجتماعي
مواطني بصد غياب الوعي .. فانقاذ هؤلاء مكلف لخزينة مؤسساتهم المالية و
الصحية اضافة لانها ليست مهياءة من اساسه لاضطلاع بالدور الاجتماعي كمرافق
عمومية ملك للشعب و للطبقات الكادحة زد على كل هذا فان جائحة الكورونا قد
تعصف بالعديد من الحكومات و الشخصيات البارزة و قد تغلق قطاعات برمتها تحت
تعلة الافلاس رامية بملايين العمال للبطالة .
مصلحة الاقتصاد الراسمالي
من سيحدد خيارات جميع الانظمة السياسية في الايام المقبلة و ليس الموقف
الاخلاقي و الانساني من المرضى كما يتشدقون .
الازمة في اتجاه مزيد
التعمق رغم كل محاولات التلطيف و التلميع لكارتات هي اصلا محترقة كما لا
يمكنها ان تطمس حقيقة المصلحة الاقتصادية و السياسية التي يتم اخفاؤها من
خلال لعبة الارقام حول السيطرة على الوباء . و لا ان تؤجل واقع الصراع
الطبقي الى ما بعد الكورونا .
قد لا تغفر الطبقات الكادحة جريمة كورونا ، جريمة الراسمالية و نظامها الاقتصادي ...
بقلم طايع غابري
0 تعليقات