هيروشيما تعود مرةً أخرى!، لا لتجلب النهاية الحتمية ولكن لتأكل أخر ما تبقى من فتات خبز الشعب والجثث البشرية!،
مخلفةً وراءها أهم سؤال لا يتمحور حول الفاعل والمذنب أو عن ملابسات الكارثة ولكن عن إذا ما كان شعباً طيباً كهذا يستحق العذاب؟،
مساء الثلاثاء وقبل الغروب ألتهبت النيران باطن مرفأ بيروت وأخذت تنتشر، وكانت لتخمد على أيدي أبطال الدفاع المدني لولا وجود ما يقارب الثلاثة ألاف طُنٍ من نترات الأمونيا، وهنا أعظم شكل من أشكال الأسترخاص للحياة البشرية، ففي الوقت الذي أرسلت فيه الحكومة عمال الدفاع المدني كانت على أقصى علم بأن المصيبة على وشك الوقوع وأن هؤلاء الكادحين هم أول من سيتلقى الحتف ولكن عندما تملك حكومة مثل حكومة لبنان تعتاش على رحمة الدولار من دون كرامة تبيع أولادها للجوع والحروب وتعتمد على المحاصصة الطائفية وحكم الأقليات والأحزاب العميلة فالمعادلة محسومة!،
مرت الدقائق والحريق لم يخمد بعد والأدخنة تتصاعد ثم حل الأنفجار!، انفجارٌ يغطي مداه الأميال لم يسلم منه بيت أو بناية ولا أنسان أو طير!، العصف يمشي ويترك خلفه الحطام من الشوارع والبيوت والعجلات والمؤسسات الضخمة!،
ليس هنالك ما يضاف على المشهد فقط تخيل سوريا بعد القصف الأمريكي أو العراق المدمر طيلة أربع عقود وسيرسم الذهن لك صورة كافية عن الحال المزري، وبين الآلاف المصابين ومئات القتلى هناك ملايين الجائعين!، كان أخر مكانٍ لهم يأكلون منه الخبر الغالي الثمن هو ذلك المرفأ،
بيروت تحطمت للمرة الأخيرة بعد أن جرجرتها الحروب الأهلية والصراعات الخارجية إلى المقصلة!، بيروت لم يعد لديها أقتصاد أو صناعة، بيروت أصبحت أقرب للهلاك من الحياة، والفضل يرجع لصراع أمريكا-أيران-أسرائيل في المنطقة حيث كل من فيهم يدعي الفضيلة تاركاً خلفه الفقراء مفجوعين بحطام منازلهم بلا طعام ولا مأوى!،
ليست وحدها لبنان فكلنا في الشرق الأوسط نشترك بنفس المصير وأنه لمن المؤسف أن نتعلم اليوم وكل يوم بالطريقة الصعبة بأن لا قيمة لأحدنا دون الاخر وأن السير وراء الخطب الحماسية القومية الرنانة لن يؤدي إلا الى التهلكة واليوم تعلمنا أننا أخوان شئنا أم أبينا لا كعرب ولا كأصحاب فكر واحد كما كان ولا يزال يروج البعثيين والقوميون من الأسلاميين وغيرهم ولكن أخوان في الأنسانية ففي هذا اللحظة ترسل بلدان الشرق المساعدات الى لبنان لتنقذها من القنبلة الأخيرة!، قنبلة الجوع والتشرد!،
عاشت لبنان و عاش العراق وسوريا وتونس و فلسطين والأمةُ البشرية جمعاء بلا تناحر أو تفرقة ساعيةً لا للقومية البرجوازية ولكن للأممية الأنسانية.
0 تعليقات