وثائق باندورا المسربة والرأسمالية العالمية | بلشفيّات


الناشر : رامز مكارم باكير

ملايين المستندات المسربة والتي يصل حجمها إلى 2.94 تيرابايت - والتي تم نشرها جزئيًا لرفع الستار عن الصفقات الخارجية والأصول المالية والعقارية لأكثر من 100 ملياردير ، منهم قادة دول ، 
 نواب برلمانيين، مشاهير ، وشخصيات معروفة وعامة. لقد كشف هذا التسريب الهائل، في اكبر تسريب تعاون عليه ٦٠٠ صحفي من جميع انحاء العالم من منظمة <ICIJ> الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، الذين فضحوا تطفل الطبق الحاكمة والمنظومات السياسية على الأموال العامة بإجمالي بلغ ما بين ٥.٦ و ٣٢ تريليون دولار أمريكي، المخبأة في حسابات <الأوف شور> أو في الملاذات الضريبة.

كان للألغاركيين الروس كغيرهم نصيب كبير من هذه التسريبات، من ابرزهم الملياردير الفاسد ملك البترول ليونيد ليبيديف، والذي كان قد فر من روسيا عام ٢٠١٦ عقب اتهامات وجهت له بالاختلاس.  
وكان من الوارد أسمائهم بالتقرير من العرب، العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، حيث كشفت تقارير عن امبراطورية عقارية يملكها بقيمة تصل إلى ما يزيد عن ١٠٠ مليون دولار امريكى. وإلى جانب هؤلاء الطغاة و الأباطرة نجد أيضاً أسماء عدد من السياسيين البارزين "المنتخبين ديمقراطياً" هؤولاء الطفيليات السياسية، كالوزير أندريه بابيس، والذي قد نادى بمحاربة المحتالين الاقتصاديين والمتهربين من الضرائب <من أجل بناء دولة يكون فيها رواد الاعمال سعداء لدفع ضرائبهم> هذا كان أحد شعارات حملته. فقد كشفت أحد الوثائق المسربة أنه قام بتحويل ٢٢ مليون دولار من خلال شركات وهمية لشراء قصر في مدينة ريفيرا الفرنسية. أيضاً أوهورو كينياتا - رئيس كينيا ، وهي دولة يصل فيها معدل الفقر إلى ٣٦ في المائة ، ومعدل الفقر المدقع إلى ٢٥ في المئة - فقد تم الكشف عن ارتباطاته السرية باحد المؤسسات في باناما بينما عائلته تمتلك خمس شركات خارجية مع أصول بقيمة تزيد عن ٣٠ مليون دولار.
 

المليارديرات مقابل المليارات وأهمية هذه الوثائق. 


تكشف لنا تسريبات وثائق باندورا أو <صندوق باندورا> إكتناز الثروات الّا أخلاقي من الطبقات السياسية الطفيلية و الرأسماليين، الحقيقة التي لطالما عرفها الجميع، وإلى وسائلهم في دفاعهم عن ثرواتهم وامتيازاتهم. و كانت قد كشفت مسبقاً أوراق بانما الكثير في عام ٢٠١٦, منها وثيقة فضحت شركة موزاك فونسيكا، شركة المحاماة البانامية، والتي كانت قد قدمت خدمات مالية لشركات ابن عم الرئيس بشار الأسد رامي مخلوف. 

وبالحديث عن قانونية إخفاء الثروات في ملاذات ضريبية، فالكثير من هذه العمليات المراوغة هي قانونية تماماً، فالكثير من الانظمة التي تسيطر عليها المجتمعات الرأسمالية هي انظمة صورية تسعى إلى تمكين هذه الطبقة والابقاء على قدرتها على تكديس الثروة. وكالعادة، دائماً ما يتعرض العمال والشباب إلى وطأة الأزمة بينما يسترخي الأغنياء الطفيليين في منازلهم الفاخرة متجاهلين الازمات التي تسببوا بها. وتمثل بريطانيا أكبر البؤر، فهي تمثل نقطة ربط بين شركات الملاذات الضريبية، فقد اشارت بعض التسريبات إلى بيع ١٥٠٠ عقار عن طريق شركات "الأوف شور". فمن خلال هذه الآليات، تمكن الكثير من الاثرياء من إخفاء ثرواتهم، أو القيام بعمليات مضاربة أو بناء محافظ عقارية، فمدينة لندن لطالما كانت ملعباً لأوليغارشيات النفط، وغاسلي الأموال، والسياسيين الفاسدين. منهم شخصيات من العائلة الحاكمة في قطر، حيث ورد في التقارير شرائهم لعقارين سكنيين يعدان من اغلى العقارات السكنية في العالم، كما أظهرت الوثائق المسربة ارتباط الامير تميم بن حمد بشركتين مسجلتين بجزر العذراء البريطانية ؛ ومحمد أميرسي أحد أكبر المانحين لحزب المحافظين البريطاني،الذي ابتاع مانشنين في لندن "مايفر" أحد أغلى الأحياء السكنية في العالم، وغيرهم الكثيرين، جميعهم ابتاعوا هذه العقارات عن طريق شركات الاوف شور، متهربين من دفع الملايين من الضرائب. 

الإعلام العربي وتسريبات بندورا:


كشفت الوثائق تورط 40 سياسياً ومسؤولاً عاماً من 9 دول في الشرق الأوسط لديهم كيانات خارجية منهم قادة حاليون وسابقون في العالم العربي. 
ومع ذلك، لم تنل تسريبات وثائق باندورا حقها من التغطية الاعلامية عربياً، لأسبابٍ بديهية يعلمها كل مواطن عربي، منها قمع حرية الصحافة، و شح المصادر الاعلامية المستقلة، بل وارتباط أكثرها بهذه الطبقات الطفيلية ، كالجزيرة و العربية وغيرها.

وبالتعاون مع ICIJ الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين, قام موقع درج الاخباري، أحد المواقع العربية الرائدة بإعلان شراكة إعلامية تختص بترجمة ونشر تسريبات وثائق باندورا المتعلقة بالمتورطين من الشخصيات العربية. 
درج هي منصة إعلامية عربية رقمية مستقلة أنشأها صحفيون ذوو خبرة، لتقديم نوعًا بديلاً من الصحافة ، خالٍ من التمويل والتأثير السياسيين ، والذي يتحكم في المؤسسات الإعلامية العربية الرئيسية الأخرى.

بغض النظر عن القوانين والضوابط التي يتم وضعها ضد الملاذات الضريبية وما شابه ذلك. ستستمر الطبقة الرأسمالية وممثلوها السياسيين في مهاجمة الفقراء والطبقة العاملة في مالهم العام، على حساب انشاء مشاريع تعليم و رعاية صحية، وعلى حساب رفاه و سعادة الانسان. 
فقط من خلال الاطاحة بالرأسمالية و طفيلياتها يمكننا التخلص من هذا الفساد الهائل وجشع هذه الاقلية الصغيرة. فشكل الدولة الرأسمالية هو وصندوق باندورا واحد، مليء بالفساد والفضائح. 

إرسال تعليق

0 تعليقات