مقال بقلم الرفيق سلام موسى جعفر
فكرة كتابة هذا المقال راودتني قبل يومين. ولم أكن في عجالة من أمري. إلا أن خطاب الرئيس الأمريكي جون بايدن يوم أمس الذي أعلن فيه قرار وقف "دعم" بلاده لعمليات التحالف بقيادة السعودية على اليمن، دفعني الى كتابته هذا اليوم (بتاريخ 9 فيفري 2021).
قرار وقف الدعم يعني بالنسبة لي أنا المتابع للحرب الإجرامية على اليمن، أنه كان هناك دعم عن طريق المشاركة المباشرة او غير المباشرة في هذه الحرب! هذه تُمثل قراءتي للقرار الأمريكي. وعلى يقين بصحتها! أما لماذا؟ فالجواب نجده بين سطور المقال. وأختصره باستنتاج يقول " إذا كانت بريطانيا التي تحرص على سمعتها، قد شاركت في هذه الحرب بصورة سرية! فكيف بأمريكا التي تتباهى بالبلطجة؟"
بريطانيا ضالعة في أسوأ أزمة إنسانية في العالم! هي ليست كلماتي! السطور التالية كفيلة بتبرأتي من تهمة الإساءة الى إنسانية أعرق ديمقراطية في العالم، قد يوجهها لي الليبراليون الجدد من رفاق الأمس!
تحت عنوان غريب "بريطانيا تنفق 2.4 مليون جنيه إسترليني لمساعدة السعودية على الالتزام بقوانين الإغاثة الدولية" نشرت الغارديان البريطانية يوم الرابع عشر من هذا الشهر تقرير يكشف أن بريطانيا انفقت سراً هذا المبلغ على مدى السنوات الأربع الماضية لمساعدة الجيش السعودي على الامتثال للقانون الإنساني الدولي! لأن السعودية اتُهمت بقصف وقتل مدنيين يمنيين بشكل عشوائي. وحسب التقرير فان المبلغ تم إنفاقه باستخدام تمويلات سرية لتحسين صورة السعودية! وبررت وزارة الخارجية البريطانية هذا التمويل لمساعدة السعودية بشيء لا يشبه شيء!
1. حماية أمنها القومي!
2. دعم امتثال الجيش السعودي للقانون الإنساني الدولي!
وعلى ذمة الغارديان فان جماعة الضغط التي ساعدت في الكشف عن المبلغ، قالت إن بريطانيا ضالعة في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم". إذ قتل الآلاف من المدنيين منذ بدء الحرب في اليمن بسبب القصف العشوائي من قبل التحالف بقيادة السعودية.
أظن أن براءتي من تهمة تشويه سمعة بريطانيا قد تأكدت. أما لماذا بريطانيا ضالعة؟ الإجابة ليست عندي، بل عند البريطانيين أنفسهم! فهم من كشف عن حجم مبيعات الأسلحة الى السعودية. وهم من كشف التفاصيل السرية التي تدور حول المشاركة البريطانية الفعلية في الحرب على اليمن. لنطلع معاً على بعض التفاصيل.
أواصل تبرئة ذمتي وأحملها الى مارك كورتيس الصحفي والمؤرخ البريطاني المعروف في مقال كتبه قبل أقل من سنتين:
• أن إيميلي ثورنبيري، وزيرة خارجية الظل من حزب العمال في ذلك الوقت، طرحت في البرلمان البريطاني سؤالاً عاجلاً عن المزاعم التي تقول إن القوات البريطانية تحارب سرًا في اليمن وتدعم قوات التحالف بقيادة السعودية.
• ورد في تقرير بصحيفة "دايلي ميل" أن 5 جنود من القوات الخاصة البريطانية من خدمة القوارب الخاصة "SBS" أصيبوا في أثناء تقديمهم المشورة للسعودية بشأن حملتها القاتلة في اليمن، كان الجنود قد أصيبوا في قتال بالأسلحة النارية كجزء من حملة سرية.
• وتقول تقارير أخرى إن بعض الجنود البريطانيين قتلوا في معارك مماثلة.
• تقول التقارير إن جنود من القوات الجوية الخاصة "SAS" شاركوا سرًا في الحرب وكانوا يرتدون ملابس عربية.
• وردًا على تساؤلات حزب العمال قال مارك فيلد وزير الدولة في وزارة الخارجية إنه سيسعى للوصول إلى أصل هذه المزاعم الخطيرة التي تدعمها مصادر جيدة.
يُثير الكاتب تساؤلاً عن السبب وراء مشاركة القوات البريطانية سرًا في حرب اليمن التي جلبت الموت والمجاعة والدمار لملايين المدنيين الأبرياء ودعمها للديكتاتوريات في الشرق الأوسط؟ ثم يُجيب بنفسه على التساؤل:
بريطانيا في الواقع عبارة عن حكم أقلية! وأما القول بأنها النموذج الديموقراطي في العالم فهو مجرد خُرافة!
أما المحلل السياسي والكاتب المتخصص في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط "ديفيد ويرنغ" فقد أكد في مقال نشرته الغارديان في العام 2019 إن الحرب على اليمن هي حرب بريطانيا في المقام الأول. وأضاف أنها ما كانت تبدأ من دون الدور البريطاني فيها.
وكانت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية قد كشفت في تقرير نشرته في العام 2017 أن 50 عسكريا بريطانيا يقومون بتدريب الجنود السعوديين، بشكل سري، على المهارات الحربية للقتال في هذه "الحرب القذرة"، حسب وصفها. وأن النائب في البرلمان البريطاني والوزير السابق للتنمية الدولية البريطانية، أندرو ميتشيل، قال: إن مشاركة الجيش البريطاني في هذه الحرب تعتبر جزءا من "التواطؤ المخجل" لبريطانيا في هذه المعاناة.
أكتفي بهذا القدر، حتى لا أطيل على القارئ.
لدي تفاصيل حول المشاركة البريطانية السرية في الحرب الكونية على سوريا. سوف أكتب عنها
لاحقاً.
سلام موسى جعفر
0 تعليقات