المصدر : الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين / المكتب الاعلامي
بقلم : الرفيق هاني خليل / عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
▪️استطاعت عملية 17 أكتوبر أن تحجز لنفسها ولصناعها مساحة بارزة في كتب التاريخ والجغرافيا التي وثقت نضالات الشعوب الثائرة ضد قوى الاستعمار والاستيطان، فهي لم تكن عملية يمكن أن يمر عنها المؤرخون دون توثيقها بأحبار العز والفخار ، فلقد كانت في صميم قلب الكيان الصهيوني الذي يفرض هيمنته وسطوته في شرق وغرب المعمورة متجبراً ومتكبراً، متسلحاً بدعم واسناد أعظم قوى الامبريالية العالمية، وفي قلب ما ادعاها عاصمة لكيانه المزعوم ، ووسط ما ادعاه من منظومته الأمنية التي لا تُقهر، وفي رأس عنوان وصاحب فكرة الترحيل القسري "الترانسفير" والتصفية الجماعية للوجود الفلسطيني على أرضه، رأس يمثل رمزية الكيان وقيادته ، ويشكل رداً موازياً لاغتيال قائداً ورمزاً وطنياً وقومياً وأممياً بحجم قمر الشهداء أبو علي مصطفى، وان لم تكن كل الرؤوس سواء.
▪️كانت عملية التخطيط والتنفيذ بدقة وانضباطية وحرفية وروح ثورية فاقت كل تصورات العدو وقدرات منظومته الأمنية فحق لها أن تدرس في كليات علوم الثورة والنضال، وأن تأخذ هذه المساحة في قلوب وعقول وذاكرة أبناء شعبنا رغم مرور عقدين على تنفيذها.
إلا أن عملية ١٧ أكتوبر وتصفية رأس العنصرية رحبعام زئيفي رسخت أيضاً معادلة جديدة في مسيرة الصراع الوجودي مع هذا الكيان، معادلة الندية والتي خلقت في الذهنية الفلسطينية والوعي الشعبي فكرة عدم القبول بما هو أقل من الرأس بالرأس، والصاروخ بالصاروخ ، وهي المعادلة التي جسدتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى أبواب المدينة المقدسة، ويجسدها في كل مواقع الاشتباك مع هذا الاحتلال حتى داخل سجونه ومعتقلاته التي باتت مسرحاً حياً للاشتباك اليومي، ولتحقيق الانتصارات في معركة فرض الارادات التي يخوضها الأسرى فرادى وجماعات.
▪️هذا ما يدفعنا للقول بأن هذه المأثرة البطولية لن تكون مجرد ذكرى، وانما هي رؤيا تحدد لنا معالم وخيوط المستقبل الذي بات أكثر وضوحاً في ظل هذا التقاطع للقوى المقاومة ليس على مساحة الوطن فحسب وانما لتطال جغرافية التواجد الفلسطيني في كل مكان، وما يرافقه من دعم واسناد لأحرار العالم، وهو ما يجعلنا أكثر حاجة من السابق لتشكيل القيادة الموحدة للمقاومة لتساهم في رفع وتيرة العمل النضالي وتوسيع ميادينه وتنظيمها لتحمل معادلة الاشتباك التي أعلنها أحمد سعدات الأمين قبل عقدين كاشارة لصناع النصر .
0 تعليقات