خطوة الى الامام ام خطوتان الى الوراء -الفصل الاول- | بلشفيّات

خطوة الى الامام ام خطوتنا الى الوراء -الفصل الاول- بقلم الرفيق غياث عصام حميدي


لاشكَّ أنّي أشتقُّ تساؤلي من عنوان كتاب (لينين) العظيم, وربَّما أشتقُّه بصورةٍ جنينيّةٍ على درجةٍ من الوعي الفردي الي تميِّزُ الوعيَ الاجتماعي ودرجاته، إضافة إلى صيغتِه المستقلّة وبنيتِه الداخليّة وعناصرِه كما عكف (فومينا) على ذكرِها في كتابِه (الوعي الاجتماعي وقوانين تطوّره)
بكلِّ وضوحٍ... إنَّ النّزعات القوميّة بأعراقِها والمناطقيّة بعائلاتِها وعشائرِها والدينيّة بنعراتِها وطوائفِها...
كلُّها تتَّخذُ أشكالاً مثاليّة في التعايش الببغائي إذ يتلو لغةَ المحبّةِ الكريهة التي تعبّرُ عن تصوّرات البرجوازية الصغيرة وماهي إلّا عملٌ دراميٌّ سخيف مكرّرٌ على الشاشات.
لأنَّ تلك البرجوازيات بمختلفِ مشاربِها وأعراقِها ودياناتِها لاتزالُ تصدِّع رؤوسَنا بتعايشِها الهش؛
وماإن تنشبْ علاقةٌ حقيقيّة الجوهر وأصيلةٌ في شكلِها العاطفي بين شابٍ من هذه الأسرة وصبيّةٍ من تلك العشيرة حتَّى نرى أهاليهم يتذابحون فيما بينهم...
ولنأخذْ سياقاً آخر قد يكون داخل العائلة نفسها وإحصائيات جرائم الشرف بحقِّ فتياتِها أو هدر دم الأبناء من قبَلِ ذويهم...
وهكذا تتحوّلُ البرجوازيات من شكلِها المثالي لتعود إلى مضمونِها النقيض، "فمَنْ يبالغ في إظهارِ الأدب.. يكون في الحقيقة قليلَ أدب"
إنّني أكرهُ لغةَ الكراهية؛ ولكنَّ حبّي للحقيقةِ يدفعُني إلى الخوضِ في تفاصيلِها التي نعيشُها بأبسطِ الخلافاتِ فيا بينَنا، وكنتُ إذا سمعتُ عن تعايشٍ ومحبّةٍ بين ملّةٍ وغيرِها من الأعراق، أفتّشُ عن هذا التعايش بمعيارٍ يصل حدَّ التساؤلِ العامي: "بيعطوا لبعض؟ بياخدوا من بعض؟ "
وكان الجوابُ يأتيني على مصدرين: أحدُهما مصدرٌ مؤوّلٌ يحملُ النفيَ القاطع المزركش بالمثل الشّعبي:
"يلي بياخد من غير ملتو ... بيموت بعلتو"
والثاني جواب من مصدرٍ صريحٍ مؤرشف يؤرخ النفي المرفق بالذكريات المشؤومةِ من تناحراتٍ وثاراتٍ كيلا "يعطوا أو ياخدوا من من بعض"
لقد أُقيمَت بينَهم المجازر للسببِ نفسِه الذي جعلْتُه معيارَ تعايشِهم والذي ينفونه من حياتِهم رغم كونه أمرٌ واقعٌ ومحتّمٌ عليهم يفضحُ دراميّاتهم المثاليّة.
ولكن.. لماذا لاتزالُ كلُّ أسرةٍ برجوازيةٍ سجينةً في نزعاتِها وحسبِها ونسبِها؟
لقد أجابَني أحدُهم في غرفةِ التوقيف بالأمنِ الجنائي وكان قد قتلَ شقيقتَه بدعوى جريمةِ الشرف
وأردف يعترف بأنَّه قتلَها لأنَّها رفَعَت دعوى على أخوتِها تطالبُهم بحقِّها في الميراث و "هم لايورثون البنات"
نعم.. إنَّ السببَ هو الملكيّة والميراث؛ إنَّ الملكيّةَ هي هي قضبان القفصِ الذي يرهنُ علاقاتِنا
وهذا القفصُ أعتى من كلِّ غرفِ التوقيف.
فليس السبب هو الانتماء بقدر ماهو ميراث الأسرة الذي كلَّفَ في حصادِه أعمار الآباء والأجداد؛ حتى حصة الفرد الذي يخوضُ في علاقتِه منه والجمهورُ حولَه يتساءل: هل سيخرجُ الإرث من أسرتِنا إلى الأولادِ الذين أخوالهم أو أعمامهم من هاتيك الأسرة؟!!!
والملكيّة أيضاً هي التي تجعلُ الانفتاحَ متفاوتاً بين تلك البرجوازيات المختبئة وراء إصبعِها خلفَ مسميّاتٍ وعناوين واختلافاتٍ ما من اختلافٍ واحدٍ بينَها؛ نرى انفتاحاً عند أسرةٍ معيّنةٍ بشكل أكثر من غيرِها فهم يسمحون لفتاتِهم بالزواجِ من شابٍ تختارُه؛ وحينَ نمعنُ النظرَ نجدُهم يحرمون الفتاة من الإرثِ نهائيّاً!!
وفي الطرف المقابل؛ نجدُ متزمّتين يشدّدون على خصوصيّة نسلِهم ويعبدون سِفاح القربى حتى نرى أنسالهم تتحوّل إلى كائناتٍ مشوّهة نتيجةَ الأمراضِ الوراثيّة؛ وهؤلاء يعطون حصّةً من تقسيمِ الإرث لفتاتِهم ولو بالنصف مع الذكر الذي يأخذ مثل حظِّ الأنثيين إرثاً مضاعفاً وتكون الرقابة عليه بنصف الرقابة المفروضة على فتاتِهم وذلك لأنَّ أولادَه مسجّلون باسمِه ومنتسبون لعائلته
ولهذا يخافون على نصف الإرث من أن يخرجَ من ثوب العائلة وتتحوّلُ ملكيّته إلى عائلةٍ أخرى لها نفسُ المخاوف.

إرسال تعليق

0 تعليقات