مقال بقلم الرفيق : سلام موسى جعفر
المتابع لما يُكْتَبُ في صفحات الغالبية العظمى ممن يُصِفون أنفسهم ب "الملحدين" في البلاد العربية، سيكتشف ان إلحاد هذه الأغلبية يقتصر على دين الإسلام دون غيره من الأديان. وهذا ما يُشير إلى أن هذا النوع من "الإلحاد"، ما دام يقتصر على دين دون سواه، إنما هو مجرد ردة فعل سلبية على التجربة الكارثية لحكم الإسلام السياسي المدمر وانتشار أفكاره الرجعية، التي قادت الى تدمير الدولة وتخليف المجتمع بالعودة به الى عصور ما قبل التصنيع. ويلاحظ كذلك انتشار أفكار مشوشة لدى هذه المجاميع تخلط ما بين مفاهيم الإلحاد والعلمانية والمدنية. وهي مفاهيم لا يجمعها جامع مشترك. ليس موضوعي تسليط الضوء على تلك المفاهيم. ولربما أجد ضرورة التفريق بينها في مناسبة أخرى.
ما أُريد لفت الأنظار إليه هو وجود صلة بين الأيادي الخفية التي تقف وراء ممارسات الإسلام السياسي التي لم تَعُدْ تُطاق. وبين الأيدي التي تُشجع على حَصْر ردة الفعل الشبابية بمعارضة الإسلام كدين وقيم، وجعل عنوان الصراع الرئيسي في المجتمع هو بين الدين الإسلامي وهذا النوع من الالحاد، لأبعاد الأنظار عن القضية الرئيسية التي تواجهها المجتمعات في البلدان العربية.
أربعة عشر قرن من عمر الإسلام، لم نسمع فيها تركيز على فتاوى بتزويج البنات بعمر التسع سنوات ولا وطئهن قبل هذا العمر، ولا حتى فرض الحجاب. ولم نسمع نهائيا بفتوى إرضاع الكبير، أو شُرْب بول الرسول أو جهاد النكاح! فجأة أخذت هذه الفتاوى التي تثير السخرية من دين الإسلام تَظْهَرُ تباعاً، وتنتشر بهذه السرعة. السؤال الذي يجب أن نُفَكِرُ بضرورة العثور على إجابة له: من يقف وراء هذه الفتاوى؟ من يقف وراء ممارسات أحزاب الإسلام السياسي التي تدفع بالشباب الى الكفر بالإسلام؟
لديّ ما أقوله للشاب الذي يدعي "الالحاد": الإلحاد هو مفهوم فلسفي يقف على مسافة واحدة من جميع الأديان ومن كل "الترهات الدينية"، ولا يُفَرِقُ بين ترهة تُمارس باسم الإسلام وترهة تُمارس باسم دين آخر.
لنطلع معاً أخي الشاب "المسلم العربي الملحد" على بعض الممارسات الدينية التي تثير رفضك:
في رواية "المسيح يُصْلب من جديد" للكاتب اليوناني نيكوس كازانزاكي الحائز على جائزة نوبل عن روايته الشهيرة "زوربا". تدور أحداث رواية "المسيح يصلب من جديد" حول استعدادات تجري سنوياً في القرية لاختيار شاب يمثل دور المسيح في الطقوس الدينية السنوية التي تقوم بها طائفة الأرثدوكس، تُعادُ في هذه الطقوس تمثيل قصة الصلب. وقارئ الرواية سيفاجئ كيف كانت تبكي العجائز بحرقة أثناء تمثيل قصة الصلب، ويقمن بضرب من يُمثل دور "يهوذا" بالحجارة، وكيف كان الدم يسيل من رأس المسكين، تماماً كما يحصل لمسكين كربلاء الذي يمثل دور "الشمر". ما أريد قوله أن ما يجري في كربلاء سنوياً، يجري في أماكن أخرى وعند أديان أخرى. الفارق أن ما يجري من افتعال طقوس جديدة في كربلاء، بعد احتلال بلادنا، تقف ورائها جهات تقصد السخرية من المناسبة. واسمحوا لي أن أخبركم أن الضباط الإنكليز، على سبيل المثال، وبعد ثورة العشرين الخالدة، أخذوا بتوزيع الأقمشة البيضاء والسيوف على المواكب لتشجيع "التطبير" حتى أنهم جلبوا بأنفسهم "الزناجيل" من إيران.
دعونا الان نطلع على واحدة من الترهات التي ارتبطت بالإسلام دون غيره. وهي فتوى "جهاد النكاح" التي أطلقها شيخ الناتو العريفي وهو أحد الشيوخ الوهابيين من الذين سخروا فتاويهم لخدمة إسرائيل وبلدان الناتو في الحرب الكونية لتدمير الحبيبة سوريا.
فتوى العريفي المشبوهة بجواز جهاد النكاح، أُلْصِقَتْ عنوة بالإسلام كبقعة وسخة تستحيل ازالتها. لنذهب معاً الى داخل الكيان الصهيوني الى المستوطنات التي تحكمها الطوائف اليهودية المتعصبة، للدرجة التي أطلقت عليها بعض الصحف الإسرائيلية "قندهار" ففيها يُمنع اختلاط النساء بالرجال حتى في حافلات نقل الركاب. السماح بالاختلاط من عدمه ليس هو موضوعي. وانما بالخبر الذي مَرَّ عليه ستة سنوات دون أن يُلْفِت نظر أحد من أدعياء الالحاد. ففي السابع من شهر أيلول من عام 2014 ألقت الشرطة الإسرائيلية القبض على خلية تَتْبَعُ لجماعة يهودية متطرفة في الضفة الغربية. تُرَوِجُ هذه الجماعة ل "لجهاد النكاح". وأعلنت الناطقة بلسان الشرطة الإسرائيلية "لوبا السمري" ان الخلية كانت تقوم بغسيل دماغ الفتيات وَزَرْع أفكار في رؤوسهن مفادها أن ممارسة "جهاد النكاح" هي الطريق الوحيد لخلاص شعب إسرائيل. كما أن زعماء الخلية خرجوا بفتوى تُشَجِعُ على ممارسة "جهاد النكاح" كسبيل للتوبة.
ما شجعني على كتابة هذا المقال الخبر الذي قرأته صباح اليوم من أن السلطات الأوكرانية منعت مرور 1500 يهودي من طائفة "الحاسيديم" من دخول البلاد بسبب استياء سكان مدينة "أومان" الواقعة وسط أوكرانيا من سلوك عشرات الآلاف من اليهود الزائرين الى المدينة لأداء مراسم احتفالية دينية تقام في الخريف، تخليداً للحاخام "نحمان" المدفون، لسوء حظ السكان، في هذه المدينة. استياء السكان البالغ عددهم 80 ألف، جاء بسبب كثرة النفايات التي يتركها الحجاج اليهود ورائهم في كل مكان، حيث تحول كل ركن في المدينة الى مكب نفايات. وما أثار امتعاض السكان كذلك، محاولة الحجاج اليهود الضيوف فرض تقاليدهم على سكان المدينة، ومنها منع نسائها من دخول شارع "بوشكين" المجاور لقبر حاخامهم.
أوجه سؤالي الآن الى الملحد العربي: ألا ترى أن الترهات الدينية التي تضايقك، لا تقتصر على دين الإسلام وحده؟ ألا ترى ان الحادك هو مجرد ردة فعل على سلوك الإسلام السياسي في البلاد العربية؟ أم أن في الأمر ما تخفيه؟
المتابع لما يُكْتَبُ في صفحات الغالبية العظمى ممن يُصِفون أنفسهم ب "الملحدين" في البلاد العربية، سيكتشف ان إلحاد هذه الأغلبية يقتصر على دين الإسلام دون غيره من الأديان. وهذا ما يُشير إلى أن هذا النوع من "الإلحاد"، ما دام يقتصر على دين دون سواه، إنما هو مجرد ردة فعل سلبية على التجربة الكارثية لحكم الإسلام السياسي المدمر وانتشار أفكاره الرجعية، التي قادت الى تدمير الدولة وتخليف المجتمع بالعودة به الى عصور ما قبل التصنيع. ويلاحظ كذلك انتشار أفكار مشوشة لدى هذه المجاميع تخلط ما بين مفاهيم الإلحاد والعلمانية والمدنية. وهي مفاهيم لا يجمعها جامع مشترك. ليس موضوعي تسليط الضوء على تلك المفاهيم. ولربما أجد ضرورة التفريق بينها في مناسبة أخرى.
ما أُريد لفت الأنظار إليه هو وجود صلة بين الأيادي الخفية التي تقف وراء ممارسات الإسلام السياسي التي لم تَعُدْ تُطاق. وبين الأيدي التي تُشجع على حَصْر ردة الفعل الشبابية بمعارضة الإسلام كدين وقيم، وجعل عنوان الصراع الرئيسي في المجتمع هو بين الدين الإسلامي وهذا النوع من الالحاد، لأبعاد الأنظار عن القضية الرئيسية التي تواجهها المجتمعات في البلدان العربية.
أربعة عشر قرن من عمر الإسلام، لم نسمع فيها تركيز على فتاوى بتزويج البنات بعمر التسع سنوات ولا وطئهن قبل هذا العمر، ولا حتى فرض الحجاب. ولم نسمع نهائيا بفتوى إرضاع الكبير، أو شُرْب بول الرسول أو جهاد النكاح! فجأة أخذت هذه الفتاوى التي تثير السخرية من دين الإسلام تَظْهَرُ تباعاً، وتنتشر بهذه السرعة. السؤال الذي يجب أن نُفَكِرُ بضرورة العثور على إجابة له: من يقف وراء هذه الفتاوى؟ من يقف وراء ممارسات أحزاب الإسلام السياسي التي تدفع بالشباب الى الكفر بالإسلام؟
لديّ ما أقوله للشاب الذي يدعي "الالحاد": الإلحاد هو مفهوم فلسفي يقف على مسافة واحدة من جميع الأديان ومن كل "الترهات الدينية"، ولا يُفَرِقُ بين ترهة تُمارس باسم الإسلام وترهة تُمارس باسم دين آخر.
لنطلع معاً أخي الشاب "المسلم العربي الملحد" على بعض الممارسات الدينية التي تثير رفضك:
في رواية "المسيح يُصْلب من جديد" للكاتب اليوناني نيكوس كازانزاكي الحائز على جائزة نوبل عن روايته الشهيرة "زوربا". تدور أحداث رواية "المسيح يصلب من جديد" حول استعدادات تجري سنوياً في القرية لاختيار شاب يمثل دور المسيح في الطقوس الدينية السنوية التي تقوم بها طائفة الأرثدوكس، تُعادُ في هذه الطقوس تمثيل قصة الصلب. وقارئ الرواية سيفاجئ كيف كانت تبكي العجائز بحرقة أثناء تمثيل قصة الصلب، ويقمن بضرب من يُمثل دور "يهوذا" بالحجارة، وكيف كان الدم يسيل من رأس المسكين، تماماً كما يحصل لمسكين كربلاء الذي يمثل دور "الشمر". ما أريد قوله أن ما يجري في كربلاء سنوياً، يجري في أماكن أخرى وعند أديان أخرى. الفارق أن ما يجري من افتعال طقوس جديدة في كربلاء، بعد احتلال بلادنا، تقف ورائها جهات تقصد السخرية من المناسبة. واسمحوا لي أن أخبركم أن الضباط الإنكليز، على سبيل المثال، وبعد ثورة العشرين الخالدة، أخذوا بتوزيع الأقمشة البيضاء والسيوف على المواكب لتشجيع "التطبير" حتى أنهم جلبوا بأنفسهم "الزناجيل" من إيران.
دعونا الان نطلع على واحدة من الترهات التي ارتبطت بالإسلام دون غيره. وهي فتوى "جهاد النكاح" التي أطلقها شيخ الناتو العريفي وهو أحد الشيوخ الوهابيين من الذين سخروا فتاويهم لخدمة إسرائيل وبلدان الناتو في الحرب الكونية لتدمير الحبيبة سوريا.
فتوى العريفي المشبوهة بجواز جهاد النكاح، أُلْصِقَتْ عنوة بالإسلام كبقعة وسخة تستحيل ازالتها. لنذهب معاً الى داخل الكيان الصهيوني الى المستوطنات التي تحكمها الطوائف اليهودية المتعصبة، للدرجة التي أطلقت عليها بعض الصحف الإسرائيلية "قندهار" ففيها يُمنع اختلاط النساء بالرجال حتى في حافلات نقل الركاب. السماح بالاختلاط من عدمه ليس هو موضوعي. وانما بالخبر الذي مَرَّ عليه ستة سنوات دون أن يُلْفِت نظر أحد من أدعياء الالحاد. ففي السابع من شهر أيلول من عام 2014 ألقت الشرطة الإسرائيلية القبض على خلية تَتْبَعُ لجماعة يهودية متطرفة في الضفة الغربية. تُرَوِجُ هذه الجماعة ل "لجهاد النكاح". وأعلنت الناطقة بلسان الشرطة الإسرائيلية "لوبا السمري" ان الخلية كانت تقوم بغسيل دماغ الفتيات وَزَرْع أفكار في رؤوسهن مفادها أن ممارسة "جهاد النكاح" هي الطريق الوحيد لخلاص شعب إسرائيل. كما أن زعماء الخلية خرجوا بفتوى تُشَجِعُ على ممارسة "جهاد النكاح" كسبيل للتوبة.
ما شجعني على كتابة هذا المقال الخبر الذي قرأته صباح اليوم من أن السلطات الأوكرانية منعت مرور 1500 يهودي من طائفة "الحاسيديم" من دخول البلاد بسبب استياء سكان مدينة "أومان" الواقعة وسط أوكرانيا من سلوك عشرات الآلاف من اليهود الزائرين الى المدينة لأداء مراسم احتفالية دينية تقام في الخريف، تخليداً للحاخام "نحمان" المدفون، لسوء حظ السكان، في هذه المدينة. استياء السكان البالغ عددهم 80 ألف، جاء بسبب كثرة النفايات التي يتركها الحجاج اليهود ورائهم في كل مكان، حيث تحول كل ركن في المدينة الى مكب نفايات. وما أثار امتعاض السكان كذلك، محاولة الحجاج اليهود الضيوف فرض تقاليدهم على سكان المدينة، ومنها منع نسائها من دخول شارع "بوشكين" المجاور لقبر حاخامهم.
أوجه سؤالي الآن الى الملحد العربي: ألا ترى أن الترهات الدينية التي تضايقك، لا تقتصر على دين الإسلام وحده؟ ألا ترى ان الحادك هو مجرد ردة فعل على سلوك الإسلام السياسي في البلاد العربية؟ أم أن في الأمر ما تخفيه؟
1 تعليقات
مقالك أشبه ما يكون بسمك تمر لبن لا يمت للواقع بصلة غريب وبعيد عن التحليل المنطقي لظاهرة الأحلام اللتي لا علاقة لها بالفكر السياسي ولا تنطلق منه ولم تكن في يوم من الأيام إلا نتاج الخواء الروحي الغربي والفكر الليبرالي الذي لا هوية له ولا يسعف روح الإنسان الخاوي
ردحذف